محاولات فاشلة

(١)
على الرصيف،
زيت الفلافل، وبول الغرباء
نعال أيضاً، وكاوتشوك السيارات
ومسافة الباعة بين ضوئين.

(٢)
الوقت: صوتا هلاميا يعد الحواف.
الليل يغط بالنوم .

(٣)
سمعت الظلال تخطو على سور جارتنا
وخفت الضوء ان يتعثر بي
بدوت ضبابياً والماء يتخللني كماسورة دخان
تنفست قليلا من لون كستنائي. ومشيت
لم اعلم ان البحر يحتمل العابرين
لم اعرف ان البحر يغني اناشيده المتسخة
كنت موشكا على الصلاة فوق السمك
اغوص في حراشفه بالجنون

(٤)
الهي الابيض...
خذني اليك بحفيف الهواء
ولون الشجر المتصلب بدمي
خذني اليك ابيضاً أبيضاً
بزهر اللوز والفراشات النائمات.

(٥)
الهي....
دعني اصلّي باللون وشِعري المهترئ



--
Monther Jawabreh
With my regard
Betrhlehem - Palestine
00970 599 377 978

بحث هذه المدونة الإلكترونية

01‏/05‏/2010

عن الشاعر طارق حمدان

قراءة في شعر طارق حمدان


منذر جوابرة*


 لم تتوقف اللغة الشعرية على الجمالية، بالقدر الذي يعتبر محفزاً عقلياً للغوص في عمق الميكانيكية الانسانية، ومعالجات تقنية أو تكنيكية لصيغة الطرح للقصيدة الشعرية، ومعالجة اليومي في أقل حالاتها، وإذ يبشر الشعر اليوم بالعودة للواقعية الجديدة، ومعالجة قضايا انسانية واجتماعية وشخصية، في حين تذهب بابعد اتجاهاتها الى بناء رؤيوي ومستقبلي ان كان وجودي او ميتافيزيقي، كما ان الشعر الكلاسيكي لم يعد قادراً على اشباع رغبتنا اليومية المتآكلة في سياق الحداثة السريعة

يقول الشاعر طارق حمدان في قصيدته "ليس كابوساً":

" كنت أعلم أن الموت أمر عليّ القيام به

.....

ومت

لأدرك بعدها

أن الموت أسهل بكثير عما كنت أتصور"


وفي قصيدته المدينة:

" لا جدران في المدينة

مليئة كلها، بصور لشهداء مضوا

أن يسقط جاري العجوز 

يعني أن يحجز الكثير من الجدران

قد لا تكفي لباقي الحي، لاحقاً....."


التناص بين البصري والمكتوب، يتحول لدى الشاعر طارق حمدان من كاتب يضع نصوصه ضمن مفاهيم فنية معاصرة ل public art، وموسيقى الهيب هوب. من خلال النص لا تقرأ فقط، وانما ترى وتتذكر وتسمع، معلنا موقفه/ك من الحياة، طارحاً أسئلته الوجودية:

" ها أنت في الأربعين 

أصبحت تستخدم الفوتشوب لتمحو تجاعيد وجهك

قبل إرساله بالبريد الألكتروني

.....

ها أنت في الأربعين 

ولم تفعل شيئاً

حتى الآن".


يختلف الشاعر هنا عما تعرفه عن الشعرية الجمالية باطارها العام والشكلي، وكما ذهب بعض الفلاسفة في نظرياتهم الجمالية واعتبار القبح شكلاً من أشكال الجمال، يعتبر هذا أكثر حقيقة في تسليط الضوء على اليومي والواقعي، واظهار خفايا الألم.

وكما يقول جوته أيضاً " إن الفن قوة مشكّلة قبل أن يكون جميلاً". إذن الشاعر حمدان هنا لا يبحث عن الجمال الموجود مجازياً في نصوصه، بل يبحث عن القوة والطاقة الكامنة في نصوصه نفسها.


يقوم الشاعر طارق حمدان في ديوانه الشعري " حين كنت حيواناً منوياً " بتكسير المتانة التقليدية، وكذلك السلطة الأبوية، رافضاً الأب السيء متفاعلاً يآيدلوجيا صعلوكية مقابل المثالية الأرستقراطية، ويتماهى في الوجود باحثاً عن حقائق وخفايا إنسانية تموت كل يوم في العدم، مؤسساً للوبياً مع آخرون، واضعين نظماً سلوكية مختلفة وثائرة على كلاسيكيات اللغة والشعر والفن والموسيقى..


سهله الممتنع يعبر عن إشكالية التناقض الذاتي، بمرادفاتها اللغوية ولغته المركية ما بين العامة والفصحى، والتي هي حصيلة انفصام إجتماعي ومعرفي وثقافي تنضوي تحت أُطر ثقافية معولمة، بطريقة الحصول على المعلومات دون الدخول بتفاصيلها.

هذا الزمن الحداثي، يجد بالمقابل لغة شعرية حداثية، لكنها عند حمدان أبعد من تكوينها السطحي، فجاءت أكثر نضجا حينما أغرقتنا بمحرماته التشكيكية والأنانية، والرفض، واللاإعتراف، والمصارحة. كل ذلك يثير جدلاً فوضاوياً بين العدم واللاإعتراف، وبحالتيها تشكل تجليات حسية يشوبها الحذر من أقطاب معاكسة ربما ستواجه صعوبة في فهم مكونات اللغة الشعرية المرفوضة في غالب حالاتها بمثل هذا الشكل، ولما ينساق لمفهوم " لغتنا الجميلة".

" جارتنا السمينة، التي كانت تكنس الحوش كل يوم

كان لديها أولاد كُثر

يسرقون الشباشب من المسجد

أيام الجمع

ويتلصصون على بيوت الجيران

ويتلقفون كلاسين بنات الحي، عن حبال الغسيل

.....

وبسببهم 

ستموت مبكرا"


كما رفض الأسلوب الأبوي، نستكشف الرفض " للغتنا الجميلة" بمعناها السطحي، لما ساهمت به من تعميق الهوة النفسية، وخلقت إرتباكاً سلوكياً وأخلاقياً على مستوى اللغة الشعرية والفنية أيضاً، وعملت على إغراقنا بالمصطلحات والمعاني المنتفخة والمكررة، مصطلحات التمجيد والبكائيات، مما أصاب اللغة الشعرية ترهلات وافرازات عقيمة، لم ينقذها إلا الجيل الجديد في البحث عن الوجه الآخر من الباطني والمنسي.

" صور الدجاج على واجهات المطاعم

مبتسمة وفرحة

صور الدجاج ترحب بنا وهي تضحك

بينما نحن في الداخل 

نقلي لحمها الأبيض"

وفي قصيدته " لا يا عزيزتي:

يا " حبيبتي " الأحلام معظمها كوابيس

أحلام بالعبرية " بكون فيها عم بهرب من لجنود"

وأحلام بالعربية، تشعرني بالرعب أمام مدرسي العربي

وأحلام بلا لغة... صامتة... وغالباً ما تكون أوسخ الأحلام"


وفي قصيدته قتل:

" مللت من قتل البعوض

كيف لا يمل العالم من قتلنا

..."


أمام هذه التناقضات القلقة، تعترف لنفسك مرة أخرى أن القلق حالة مدهشة للتأمل، وتعبئة الكون باسئلة إضافية بغض النظر إن كان لها إجابات أو كما لو أنك بحصة اللغة العربية، واقفاً أمام إستاذ منتفخ الكرش ينتظر إجاباتك العفوية والغبية في أكثر الأحيان، لأنه نفسه لم يجيب عليها قبل ذلك.

في هذا الشعر يبدأ رأسك بالإنفصال رويداً رويداً، وتكون بحاجة لأطنان من الإسمنت تثبت رأسك بها لتستطيع احتمال تمرد النصوص، لأنك بكل بساطة ستستشعر الانقلاب الشعري في اجزاء عديدة من النصوص المركبة بين النثر والأصالة، بين الفوضى اليومية وبين احترام " السوق" الشعري، بين أن تكون أنت أو تكون هم.


* فنان تشكيلي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق